حقوق الوالدين العظيمة
من أغلى النعم التي من الله بها على الإنسان نعمة الوالدين. هي نعمة لا بديل لها ولا تشترى بثمن. فهي مثل نعمة الحياة، توهب للإنسان مرّة، فإذا انتهت، لا ترجع مرة أخرى.
وكل نعمة تتعلق بها حقوق. فإذا كانت نعمة الوالدين من أعظم النعم وأغلاها، فالحقوق التي تتعلق بها تكون من أعظم الحقوق. ولذلك وردت الآيات والأحاديث في بيان عظم حقوق الوالدين بكثرة كاثرة.
يقول الله عزّ وجلّ: وَقَضٰى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوٓا إِلَّآ إِيَّاهُ وَبِالْوٰلِدَيْنِ إِحْسٰنًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَآ أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ﴿سورة الإسراء: ٢٣﴾
وعن سيدنا عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رضى الرب في رضى الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد (سنن الترمذي، الرقم: ١٨٩٩)
وعن سيدنا أبي أمامة رضي الله عنه أن رجلا قال: يا رسول الله، ما حق الوالدين على ولدهما؟ قال: هما جنتك ونارك (سنن ابن ماجة، الرقم: ٣٦٦٢)
بابان مفتوحان من الجنة
وعن سيدنا ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أصبح مطيعا في والديه أصبح له بابان مفتوحان من الجنة، وإن كان واحدا فواحدا، ومن أمسى عاصيا لله في والديه أصبح له بابان مفتوحان من النار، وإن كان واحدا فواحدا قال الرجل: وإن ظلماه؟ قال: وإن ظلماه، وإن ظلماه، وإن ظلماه (شعب الإيمان، الرقم: ٧٥٣٨)
وعن سعيد بن أبي بردة عن أبيه أن رجلا من أهل اليمن حمل أمه على عنقه فجعل يطوف بها حول البيت وهو يقول: إني لها بعيرها المذلل (أي: المطيع) … إذا ذعرت ركابها (خوّفتها وأفزعتها) لم أذعر وما حملتني أكثر ثم قال: أتراني جزيتها؟ قال ابن عمر: لا، ولا بزفرة (نَفَس) (شعب الإيمان، الرقم: ٧٥٥٠)
إن طاعة الوالدين وخدمتهما تفتح باب الجنة. كما أن حبهما وتعظيمهما حق التعظيم وقضاء حوائجهما عبادة عظيمة ينال بها المرء أجرا جزيلا في الدنيا والآخرة.
فعن سيدنا ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما من ولد بار ينظر نظرة رحمة إلا كتب الله بكل نظرة حجة مبرورة، قالوا: وإن نظر كل يوم مائة مرة؟ قال: نعم الله أكبر وأطيب (شعب الإيمان، الرقم: ٧٤٧٢)
وذات مرة، ذكر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم للصحابة رؤيا رآها، وهي أنه صلى الله عليه وسلّم دخل الجنة في منامه مرة، فسمع شخصا يقرأ القرآن، فسأل أهل الجنة: من هذا (يقرأ القرآن)؟ فقالوا: حارثة بن النعمان
ثم ذكر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم أنه إنما نال هذه الرتبة العليا بسبب بره بوالدته.
فقد روي أنه رضي الله عنه كان يطعمها بيده ولم يستفهمها كلاما قط تأمره به حتى يسأل من عندها بعد أن يخرج: ماذا قالت أمي؟ (من (أسد الغابة ١/٦٥٥، مجمع الزوائد، الرقم: ١٥٧٣٦، التبصرة لابن الجوزي ١/١٩١)
الاحتراز عن إزعاج الوالدين
عندما ندخل السرور على قلوب والدينا ونثلج صدورهم، تنطلق ألسنتهم بالدعاء لنا فنكسب سعادة الدنيا والآخرة، وإن أهملناهم أو أغضبناهم، وقعنا في الإثم وفقدنا الخير وعدمنا البركة والسعادة في حياتنا.
وقد روي أن من يؤذي والديه، يعذب في الدنيا قبل الآخرة.
فعن سيدنا أبي بكرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل الذنوب يغفر الله منها ما شاء إلا عقوق الوالدين فإنه يعجل لصاحبه في الحياة قبل الممات (شعب الإيمان، الرقم: ٧٥٠٦)
للوالدين أربعة عشر حقّا
ذكر الشيخ أبرار الحق رحمه الله أن للوالدين أربعة عشر حقّا، سبعة في حياتهم وسبعة بعد وفاتهم.
أما الحقوق السبعة في حياتهم، فهي:
١. تعظيمهم
٢. إظهار المحبة لهم.
٣. طاعتهم.
٤. تقديم ما يحتاجون إليه من الخدمة
٥. بذل الجهد في راحتهم
٦. قضاء حوائجهم
٧. زيارتهما بكثرة.
أما الحقوق السبعة بعد وفاتهم، فهي:
١. الدعاء لهما بالمغفرة والرحمة
٢. إيصال الأجر لهم (من الصدقة والعبادة النافلة)
٣. إكرام أهل ودّهم
٤. مساعدة أهل ودّهم
٥. أداء ديونهم وأماناتهم
٦. العمل بوصاياهم المباحة
٧. زيارة قبورهم