الرئيسية / روضة الحب / روضة الحب – ٢٣

روضة الحب – ٢٣

حقوق الجيران

لا بدّ لكل إنسان أن يعرف ما يلزم عليه من الحقوق وأن يؤدّيها حتى يجري العالم بنظام. لأن عدم أداء الحقوق يسبب الفساد والفوضى في العالم، ويؤدّي إل تفشي السرقة والغصب، والظلم والجور، ويحمل الناس على استغلال الصبيان والنساء والضعفاء من الناس لعدم قدرتهم على الدفاع وأخذ حقوقهم. ومن أجل ذلك، بيّنت الشريعة حقوق الناس وطريقة أدائها.

فيقول الله عزّ وجلّ: وَبِالْوٰلِدَيْنِ إِحْسٰنًا وَبِذِى الْقُرْبٰى وَالْيَتٰمَىٰ وَالْمَسٰكِينِ وَالْجَارِ ذِى الْقُرْبَىٰ وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَٰنُكُمْ

ففي هذه الآية الكريمة، ذكر الله عزّ وجلّ حق الجار وحثّنا على إيفائه. ووردت أحاديث عديدة أكّد فيها سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم على أداء حقوق الجار، فقال صلى الله عليه وسلّم: ليس المؤمن الذي يشبع وجاره جائع إلى جنبه (شعب الإيمان، الرقم: ٣١١٧)

وعن سيدنا معاوية بن حيدة رضي الله عنه أنه قال: قلت: يا رسول الله ما حق جاري علي؟ قال: إن مرض عدته، وإن مات شيعته، وإن استقرضك أقرضته، وإن أعوز سترته، وإن أصابه خير هنأته، وإن أصابته مصيبة عزيته، ولا ترفع بناءك فوق بنائه فتسد عليه الريح، ولا تؤذه بريح قدرك إلا أن تغرف له منها (مجمع الزوائد، الرقم: ١٣٥٤٤)

ونظرا لخطورة حقوق الجيران وعظمها، كان الصحابة الكرام رضي الله عنهم والسلف الصالح يراعون حقوقهم كلّ الرعاية ولا يالون جهدا في إيفائها.

فعن مجاهد أن عبد الله بن عمرو ذبحت له شاة في أهله، فلما جاء قال: أهديتم لجارنا اليهودي؟ أهديتم لجارنا اليهودي؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه (سنن الترمذي، الرقم: ١٩٤٣)

وكان للحسن جارٌ نصراني ، وكان له كَنِيْفٌ (حمام) على السطح ، وقد نقب ذلك في بيته ، وكان يتقاطر منه البول في بيت الحسن، وكان الحسن أمر بإناء فوضع تحته ، فكان يخرج ما يجتمع منه ليلاً ، ومضى على ذلك عشرون سنةً ، فمرض الحسن ذات يومٍ فعاده النصراني ، فرأى ذلك ، فقال : يا أبا سعيد : مذ كم تحملون مني هذا الأذى ؟ فقال : منذ عشرين سنةً . فقطع النصراني زناره وأسلم (الإمتاع والمؤانسة صـ ٢٩٧)

هذا إلى أنه ورد وعيد شديد في أحاديث كثيرة لمن يؤذي جاره. فعن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت (صحيح البخاري، الرقم: ٦٠١٨)

وعن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رجل: يا رسول الله، إن فلانة، فذكر من كثرة صلاتها وصدقتها وصيامها غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها. قال: هي في النار، قال: يا رسول الله، فإن فلانة، فذكر من قلة صيامها وصلاتها وأنها تصدق بالأثوار من الأقط، ولا تؤذي بلسانها جيرانها. قال: هي في الجنة.

تصرّح هذه الأحاديث بعظم حقوق الجيران في الإسلام. فلنحاول أن نؤدّيها دائما.

وفّقنا الله لأداء حقوق عباده وهدانا إلى ما فيه صلاح ديننا ودنيانا.

شاهد أيضاً

مقارنة الإسلام بالأديان السابقة – روضة الحبّ – ٥٩

عندما نقارن الإسلام بالأديان السابقة، نجد أن الإسلام لم يحرّم المنكرات والسيئات فحسب، بل حرّم …