الرئيسية / روضة الحب / قصة مصارعة رسول الله صلى الله عليه وسلم ركانة – روضة الحب

قصة مصارعة رسول الله صلى الله عليه وسلم ركانة – روضة الحب

كان رجل من بني هاشم يقال له: ركانة وكان من أفتك الناس وأشده بأسا وكان مشركا عدوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين. وكان يرعى غنما له في واد يقال له إضم.

ذات يوم، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيت السيدة عائشة رضي الله عنها، فتوجه قبل ذلك الوادي، فلقيه ركانة وليس مع النبي صلى الله عليه وسلم أحد، فقام إليه ركانة فقال: يا محمد أنت الذي تشتم آلهتنا اللات والعزى وتدعو إلى إلهك العزيز الحكيم، ولولا رحم بيني وبينك ما كلمتك الكلام – يعني أقتلك – ولكن ادع إلهك العزيز الحكيم ينجيك مني.

وسأعرض عليك أمرا: هل لك أن أصارعك وتدعو إلهك العزيز الحكيم يعينك علي، فأنا أدعو اللات والعزى، فإن أنت صرعتني فلك عشر من غنمي هذه تختارها، فقال عند ذلك نبي الله صلى الله عليه وسلم: نعم إن شئت! فاتخذا (اتفقا على ذلك)، ودعا نبي الله صلى الله عليه وسلم إلهه العزيز الحكيم أن يعينه على ركانة ودعا ركانة اللات والعزى: أعِنِّي اليوم على محمد.

فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم فصرعه وجلس على صدره، فقال ركانة: قم فلست أنت الذي فعلت بي هذا، إنما فعله إلهك العزيز الحكيم وخذله اللات والعزى، وما وضع جنبي أحد قبلك. فقال له ركانة: عُد فإن أنت صرعتني فلك عشر أخرى تختارها.

فأخذه نبي الله صلى الله عليه وسلم ودعا كل واحد منهما إلهه كما فعلا أول مرة، فصرعه نبي الله صلى الله عليه وسلم، فجلس على كبده فقال له ركانة: قم فلست أنت الذي فعلت بي هذا، إنما فعله إلهك العزيز الحكيم وخذله اللات والعزى، وما وضع جنبي أحد قبلك، فقال له ركانة: عد فإن أنت صرعتني فلك عشر أخرى تختارها،

فأخذه نبي الله صلى الله عليه وسلم ودعا كل واحد منهما إلهه، فصرعه نبي الله صلى الله عليه وسلم الثالثة، فقال له ركانة: لست أنت الذي فعلت بي هذه، وإنما فعله إلهك العزيز الحكيم وخذله اللات والعزى فدونك ثلاثين شاة من غنمي فاخترها.

فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ما أريد ذلك ولكني أدعوك إلى الإسلام يا ركانة وأنفس بك أن تصير إلى النار، إنك إن تُسلم تَسلم

فقال له ركانة: لا إلا أن تريني آية! فقال له نبي الله صلى الله عليه وسلم: الله عليك شهيد إن أنا دعوت ربي فأريتك آية لتجيبنني إلى ما أدعوك إليه؟ قال: نعم!

وقريب منه شجرة سمر ذات فروع وقضبان فأشار إليها نبي الله صلى الله عليه وسلم وقال لها: أقبلي بإذن الله فانشقت باثنتين فأقبلت على نصف شقها وقضبانها وفروعها حتى كانت بين يدي نبي الله صلى الله عليه وسلم وبين ركانة.

فقال له ركانة: أريتني عظيما فمرها فلترجع فقال له نبي الله صلى الله عليه وسلم: عليك الله شهيد إن أنا دعوت ربي- عز وجل- آمر بها فرجعت لتجيبنني إلى ما أدعوك إليه قال: نعم!

فأمرها فرجعت بقضبانها وفروعها حتى التأمت بشقها

فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أسلم تسلم، فقال له ركانة: ما بي إلا أن أكون رأيت عظيما ولكني أكره أن تتحدث نساء المدينة وصبيانهم أني إنما جئتك لرعب دخل قلبي منك، ولكن قد علمت نساءُ أهل المدينة وصبيانهم أنه لم يوضع جنبي قط ولم يدخل قلبي رعب ساعة قط ليلا ولا نهارا ولكن دونك فاختر غنمك.

فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ليس لي حاجة إلى غنمك إذ أبيت أن تسلم فانطلق نبي الله صلى الله عليه وسلم راجعا.

وأقبل سيدنا أبو بكر وسيدنا عمر رضي الله عنهما يلتمسان رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت عائشة فأخبرتهما أنه قد توجه قبل وادي إضم وقد عرف أنه وادي ركانة لايخطئه.

فخرجا في طلبه وأشفقا أن يلقاه ركانة فيقتله فجعلا يصعدان على كل شرف ويتشرفان مخرجا له إذ نظرا إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم مقبلا فقالا: يا نبي الله! كيف تخرج إلى هذا الوادي وحدك وقد عرفت أنه جهة ركانة وأنه من أقتل الناس وأشدهم تكذيبا لك.

فضحك إليهما النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال: أليس يقول الله عز وجل لي: والله يعصمك من الناس، إنه لم يكن يصل إلي واللهُ معي فأنشأ يحدثهما حديثه والذي فعل به والذي أراه فعجبا من ذلك، فقالا: يا رسول الله! أصرعت ركانة فلا والذي بعثك بالحق ما نعلم أنه وضع جنبه إنسان قط.

فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إني دعوت ربي فأعانني عليه وإن ربي عز وجل أعانني ببضع عشرة (ملك) وقوة عشرة (وفي أحاديث أخرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطي قوة أربعين رجل) (من دلائل النبوة ٦/٢٥١-٢٥٤، المعجم الأوسط، الرقم: ٥٦٧، مجمع الزوائد، الرقم: ٧٥٥٣)

أمّا رُكانة، فإنّه وإن لم يسلم في بداية الأمر، إلا أنّه أسلم عند فتح مكّة المكرّمة في السنة الثامنة. فشرّفه الله تعالى بأن جعله من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن الذين روي عنهم أحاديثُ رسول الله صلى الله عليه وسلم. (من الاستيعاب 2/507)

شاهد أيضاً

الاهتمام بتعليم الأولاد العلم الديني – روضة الحبّ

الأمة التي تعطى نعمة العلم الديني والفهم السليم تعدّ أمة متقدمة ومنتجة، مستقبلها مشرق ومصيرها …