عندما نقارن الإسلام بالأديان الأخرى، نجد أن الإسلام لم يحرّم المنكرات والذنوب فقط، بل حرّم الطرق والوسائل المؤدية إليها أيضا سدا للذرائع، ووقاية للإنسان من الوقوع في الذنوب.
خذ على سبيل المثال الخمرَ: كانت مباحة في الأديان السابقة، لكنها محرمة في الإسلام. فالإسلام حرّم الخمر، لأن مضارها أكبر وأكثر من منافعها، ولأنها تدفع الإنسان إلى ارتكاب أنواع من الذنوب، كما قال الله عزّ وجلّ: يَسـَٔلونَكَ عَنِ الخَمرِ وَالمَيسِرِ قُل فيهِما إِثمٌ كَبيرٌ وَمَنٰفِعُ لِلنّاسِ وَإِثمُهُما أَكبَرُ مِن نَفعِهِما
رأس كل شر
ورد في الأثر أن الخمر رأس كل شر، كما قال سيدنا عثمان رضي الله عنه: اجتنبوا الخمر فإنها أم الخبائث.
ووجه كونها أم الخبائث وأصل كل شرّ أن الإنسان إذا شرب الخمر، سكر منها. فإذا سكر، ارتكب أبشع الذنوب وأشنع الجرائم.
قصة رجل من الأمم الماضية
قال سيدنا عثمان رضي الله عنه: إنه كان رجل ممن خلا قبلكم تعبد، فعلقته امرأة غوية، فأرسلت إليه جاريتها، فقالت له: إنا ندعوك للشهادة، فانطلق مع جاريتها فطفقت كلما دخل بابا أغلقته دونه، حتى أفضى إلى امرأة وضيئة عندها غلام وباطية خمر، فقالت: إني والله ما دعوتك للشهادة، ولكن دعوتك لتقع علي، أو تشرب من هذه الخمرة كأسا، أو تقتل هذا الغلام، قال: فاسقيني من هذا الخمر كأسا، فسقته كأسا، قال: زيدوني فلم يرم حتى وقع عليها وقتل النفس
ثم قال سيدنا عثمان رضي الله عنه: فاجتنبوا الخمر، فإنها والله لا يجتمع الإيمان، وإدمان الخمر إلا ليوشك أن يخرج أحدهما صاحبه
المسكرات – سلاح إبليس المدمّر
عن سيدنا أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنه قال: إذا أصبح إبليس بثّ جنوده في الأرض فيقول: من أضلّ مسلما ألبسته التاج.
فيقول له القائل: لم أزل بفلان حتى طلق امرأته، قال: يوشك أن يتزوج.
ويقول آخر: لم أزل بفلان حتى عق، قال: يوشك أن يبر.
ويقول آخر: لم أزل بفلان حتى زنى، قال: أنت.
ويقول آخر: لم أزل بفلان حتى شرب الخمر. قال: أنت.
قال: ويقول آخر لم أزل بفلان حتى قتل. فيقول: أنت أنت. (مكائد الشيطان، الرقم: ٣٦)
يتبين من هذا الأثر العاقبة الوخيمة لشرب الخمر وتعاطي المخدرات وهي أنها تؤدّي بالإنسان إلى ارتكاب الذنوب الكبيرة ومعصية الله عزّ وجلّ.
ولذا ورد في الحديث الشريف أن من يشرب الخمر، فكأن الإيمان يخرج منه تلك اللحظة، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشرب وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن (صحيح البخاري، الرقم: ٦٧٧٢)
وفّق الله عزّ وجلّ الأمّة للابتعاد عن هذين الذنبين المهلكين: شرب الخمر وتعاطي المخدّرات.