جمال الإسلام
لما دخل سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة المنورة مهاجرا، كانت الجموع الحاشدة تتطلع إليه تطلع المحب إلى حبيبه. وفي طليعتهم أنصار المدينة المنورة الذين كانوا يحبون سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حبا عجز عن وصفه الواصفون. وممن كانوا ينتظرون رسول الله صلى الله عليه وسلم اليهود والمشركون والكافرون الذين كانوا يتمنون لقاء الذي يدعي النبوة وسماع رسالته.
فخطبهم الرسول صلى الله عليه وسلم خطبة دعاهم بها إلى محاسن الإسلام وحثهم على التمسك بتعالميه السمحة. يصف سيدنا عبد الله بن سلام رضي الله عنه – وكان حبرا يهوديا آنذاك – ما رأت عيناه وسمعت أذناه عندما حظي بلقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم أول مرة قائلا:
لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، انجفل الناس قبله، وقيل: قد قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد قدم رسول الله، قد قدم رسول الله ثلاثا، فجئت في الناس لأنظر، فلما تبينت وجهه، عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب، فكان أول شيء سمعته تكلم به، أن قال: يا أيها الناس أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل، والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام (سنن ابن ماجة، الرقم: ٣٢٥١)
وهذا ما انطبع أوّلا عن محاسن الإسلام في قلب سيدنا عبد الله بن سلام رضي الله عنه ومن سعدوا برؤيته صلى الله عليه وسلم. رأى سيدنا عبد الله بن سلام رضي الله عنه أن الإسلام لا يأمر متبعيه بالعدل فحسب، بل يدعوهم إلى الإحسان إلى الخلق والرحمة لهم والبر بهم والشفقة عليهم، وهو يحمل جميع المحاسن الإنسانية، فلم يمض إلا قليلا من الزمن حتى اعتنق الإسلام ودخل في دين الله محظوظا مغبوطا.
فلا شك أن الإسلام دين الرحمة والشفقة والحب والسلام والتسامح والتعاطف، ولكننا عندما نتكلم عن الرحمة للخلق والشفقة عليهم، ففي أغلب الأحيان، لا تدور في أذهاننا إلا الصدقات والأعمال الخيرية مع أن الأمر ليس كذلك، لأن الإحسان إلى الخلق لا ينحصر في التصدق عليهم، بل الكلمة الطيبة للمظلومين، والنصح للمصابين، وإطعام الفقراء الطعام، ومساعدة البائسين، وإفشاء السلام بين المسلمين ، وإدخال السرور عليهم، والابتعاد عن كل ما يؤذي الناس – مسلمين كانوا أو كافرين -، والصفح والعفو عن الآخرين، كل هذه من مظاهر الرفق و الإحسان التي نراها بارزة في معاشرته صلى الله عليه وسلم ومعاملته مع الخلق طيلة حياته. فيلزم على كل مسلم أن يتحلى بجميعها في كل جوانب حياته. فيلزم على كل مسلم أن يتحلى بجميعها في كل شعبة من شعب حياته.