توضئة الميت
إذا انتهى المغسّل من استنجاء الميّتِ، يوضّئه وضوءَ الصلاة، مراعيا لجميع السنن من تخليل اللحية وتخليل أصابع اليدين والرجلين إلا أنه لا يقوم بالمضمضة والاستنشاق له ولا يغسل يديه إلى الرسغين أولا، بل يبدأ التوضئة بوجه الميت، فيغسله ثم يغسل يديه إلى مرفقيه ويمسح رأسه ويغسل رجليه.[١]
ملاحظات:
١. ذكر بعض الفقهاء أنه ينبغي أن تبلَّل خرقة، ينظف بها فم الميت وأنفه.[٢]
٢. إذا كان الميت جنبا، أو كانت الميتة نفساء، فعند بعض الفقهاء، يستحسن أن يغسل الغاسل فم الميت وأنفه بإدخال الخرقة المبللة فيها ومسحها بها.
تغسيل الميت
إذا انتهى من توضئة الميت، يغسّله على الكيفية التالية:
١. يسخن الماء بالسدر أو بغيره من منظّف. وإن لم يتيسر السدر أو غيره من منظّف، فالماء القراح كاف.[٣]
٢. يبدأ بغسل رأس الميت ولحيته بالصابون أو منظف آخر.[٤]
٣. ثم يضجع على شقه الأيسر ليبدأ بغسل شقه الأيمن.[٥]
٤. ثم يصب الماء على شقه الأيمن من الأعلى إلى الأسفل ثلاث مرات.[٦]
٥. ثم يضجع على شقه الأيمن ليغسل شقه الأيسر.[٧]
٦. ثم يجلس ويسند قليلا ويمسح بطنه برفق. فإن خرجت نجاسة، تغسل ويعاد الاستنجاء، ولا يعاد الوضوء أو الغسل، لأن خروج النجاسة لا يبطلهما.[٨]
٧. ثم يضجع على شقه الأيسر مرة ثانية، ويصب الماء المخلوط بالكافور على شقه الأيمن من الأعلى إلى الأسفل حتى يصل إلى الشق الأيسر. ولا يضجع بعد ذلك على شقه الأيسر.[٩]
٨. ثم ينشف بثوب أو منشفة قبل تكفينه.[١٠]
٩. ثم يوضع العطر على راسه ولحيته ويوضع الكافور على مساجده أي جبهته وأنفه ويديه وركبتيه وقدميه. وإن لم يتيسر الكافور، يوضع العطر على مساجده أيضا.[١١]
ملاحظات:
١. ليكن الماء الذي يغسل به الميت ساخن وسطا، لا شديدا كيلا يتأذى به الميت.[١٢]
٢. هذه هي الطريقة المسنونة لتغسيل الميت، لكن لو غسل مرة واحدة، لصح الغسل، لأن الفرض (غسل الأعضاء مرة) قد أُدّي. ويجوز أن يغسل أكثر من ثلاث مرات عند الحاجة، وإلا يكره.[١٣]
[١] (ويوضأ) من يؤمر بالصلاة (بلا مضمضة واستنشاق) للحرج وقيل يفعلان بخرقة وعليه العمل اليوم ولو كان جنبا أو حائضا أو نفساء فعلا اتفاقا تتميما للطهارة كما في إمداد الفتاح مستمدا من شرح المقدسي ويبدأ بوجهه ويمسح رأسه
قال العلامة ابن عابدين – رحمه الله – : قوله (ويوضأ من يؤمر بالصلاة) خرج الصبي الذي لم يعقل لأنه لم يكن بحيث يصلي قاله الحلواني وهذا التوجيه ليس بقوي إذ يقال إن هذا الوضوء سنة الغسل المفروض للميت لا تعلق لكون الميت بحيث يصلي أو لا كما في المجنون شرح المنية ومقتضاه أنه لا كلام في أن المجنون يوضأ وأن الصبي الذي لا يعقل الصلاة يوضأ أيضا على خلاف ما يقتضيه توجيه الحلواني من أنهما لا يوضئان (رد المحتار ٢/١٩٥)
قال العلامة ابن عابدين – رحمه الله – : قوله (ولو كان جنبا الخ) نقل أبو السعود عن شرح الكنز للشلبي أن ما ذكره الخلخالي أي في شرح القدوري من أن الجنب يمضمض ويستنشق غريب مخالف لعامة الكتب اهـ قلت وقال الرملي أيضا في حاشية البحر إطلاق المتون والشروح والفتاوى يشمل من مات جنبا ولم أر من صرح به لكن الإطلاق يدخله والعلة تقتضيه اهـ وما نقله أبو السعود عن الزيلعي من قوله بلا مضمضة واستنشاق ولو جنبا صريح في ذلك لكني لم أره في الزيلعي قوله (اتفاقا) لم أجده في الإمداد ولا في شرح المقدسي (رد المحتار ٢/١٩٦)
قال العلامة ابن عابدين – رحمه الله -: (قوله: ويبدأ بوجهه) أي لا يغسل يديه أولا إلى الرسغين كالجنب لأن الجنب يغسل نفسه بيديه فيحتاج إلى تنظيفهما أولا والميت يغسل بيد الغاسل قوله (ويمسح رأسه) أي في الوضوء وهو ظاهر الرواية كالجنب بحر (رد المحتار ٢/١٩٦)
[٢] ومن العلماء من قال يجعل الغاسل على أصبعه خرقة رقيقة ويدخل الأصبع في فمه ويمسح بها أسنانه وشفتيه ولهاته ولثته وينقيها ويدخل في منخريه أيضا كذا في الظهيرية قال شمس الأئمة الحلواني وعليه عمل الناس اليوم كذا في المحيط (الفتاوى الهندية ١/١٥٨)
[٣] والغسل بالماء الحار أفضل عندنا كذا في المحيط ويغلى الماء بالسدر أو بالحرض فإن لم يكن فالماء القراح كذا في الهداية (الفتاوى الهندية ١/١٥٨)
[٤] ويغسل رأسه ولحيته بالخطمي وإن لم يكن فبالصابون ونحوه لأنه يعمل عمله هذا إذا كان في رأسه شعر اعتبارا بحالة الحياة كذا في التبيين فإن لم يكن فيكفيه الماء القراح كذا في شرح الطحاوي (الفتاوى الهندية ١/١٥٨)
[٥] ( ويضجع على يساره ) ليبدأ بيمينه
قال العلامة ابن عابدين – رحمه الله – : (قوله: ويضجع الخ) هذا أول الغسل المرتب وأما قوله وصب عليه ماء مغلي الخ وقوله وإلا فالقراح وقوله وغسل رأسه بالخطمي يفعل قبل الترتيب الآتي وعبارة الشرنبلالية ويفعل هذا قبل الترتيب الآتي ليبتل ما عليه من الدرن اهـ ط قلت لكن صريح البحر والنهر وغيرهما أن قوله وصب عليه ماء مغلي الخ ليس خارجا عن هذه الغسلات الثلاث الآتية بل هو إجمال لبيان كيفية الماء أي لبيان الماء الذي يغسل به وهو كونه مغلي بسدر لا باردا ولا قراحا وكذا قال في الفتح وإذا فرغ من الوضوء غسل رأسه ولحيته بالخطمي ثم يضجعه الخ ومثله في الجوهرة (رد المحتار ٢/١٩٦)
[٦] (يضجع) الميت (على يساره فيغسل) شقه الأيمن ابتداء لأن البداءة بالميامن سنة (حتى يصل الماء إلى ما) أي الجنب الذي ( يلي التخت ) بالخاء المعجمة ( منه ) أي الميت
قال العلامة الطحطاوي – رحمه الله -: ويسن أن يصب الماء عليه عند كل إقعاد ثلاثا والزيادة جائزة للحاجة وإلا ينبغي أن يكون إسرافا كحال الحياة أفاده السيد (حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح صـ ٥٦٩)
[٧] (واضجع على يساره فيغسل حتى يصل الماء إلى ما يلي التخت منه ثم على يمينه كذلك) لأن السنة هي البداءة من الميامن والمراد بما يلي التخت منه الجنب المتصل بالتخت … ثم اعلم أن المصنف ذكر غسله مرتين الأولى بقوله واضجع على يساره فيغسل الثانية بقوله ثم علي يمينه كذلك (البحر الرائق ٢/١٨٦)
[٨] ثم يجلسه ويسنده إليه ويمسح بطنه مسحا رفيقا تحرزا عن تلويث الكفن فإن خرج منه شيء غسله ولا يعيد غسله ولا وضوءه (الفتاوى الهندية ١/١٥٨)
[٩] والحاصل أن السنة أنه إذا فرغ من وضوئه غسل رأسه ولحيته بالخطمي من غير تسريح ثم يضجعه على شقه الأيسر ويغسله وهذه مرة ثم على الأيمن كذلك وهذه ثانية ثم يقعده ويمسح بطنه كما ذكره ثم يضجعه على الأيسر فيصب الماء عليه وهذه ثالثة لكن ذكر خواهر زاده أن المرة الأولى بالماء القراح والثانية بالماء المغلي فيه سدر أو حرض والثالثة بالماء الذي فيه الكافور ولم يفصل صاحب الهداية في مياه الغسلات بين القراح وغيره وهو ظاهر كلام الحاكم وفي فتح القدير والأولى أن يغسل الأوليان بالسدر ولم يذكر المصنف كمية الصبات وفي المجتبي يصب الماء عليه عند كل إضجاع ثلاث مرات وإن زاد على الثلاث جاز (البحر الرائق ٢/١٨٦)
[١٠] ثم ينشفه بثوب كيلا تبتل أكفانه (الفتاوى الهندية ١/١٥٨)
[١١] ثم يوضع الحنوط على رأسه ولحيته لما روي أن آدم صلى الله عليه وسلم عليه لمّا توفي غسلته الملائكة وحنطوه ويوضع الكافور على مساجده يعني جبهته وأنفه ويديه وركبتيه وقدميه لما روي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنّه قال وتتبع مساجده بالطيب يعني بالكافور … ولا بأس بسائر الطيب غير الزعفران والورس في حق الرجل (بدائع الصنائع ٢/٤٠)
(قوله والكافور على مساجده) يعني جبهته وأنفه وكفَيه وركبتيه وقدميه لفضيلتها لأنه كان يسجد بها للّه تعالى فاختصت بزيادة الكرامة والرجل والمرأة في ذلك سواء (الجوهرة النيرة ١/١٣٤)
حدثنا وكيع عن سفيان عن منصور عن إبراهيم قال إذا فرغ من غسله تتبع مساجده بالطيب (المصنف لابن أبي شيبة، الرقم: ١١١٣٢)
[١٢] قال العلامة ابن عابدين – رحمه الله – : قوله ( وإلا فماء خالص مغلي ) أي إغلاء وسطا لأن الميت يتأذى بما يتأذى به الحي ط وأفاد كلامه أن الحار أفضل سواء كان عليه وسخ أو لا نهر (رد المحتار ٢/١٩٦)
[١٣] ( ويصب عليه الماء عند كل اضطجاع ثلاث مرات ) لما مر ( وإن زاد عليها أو نقص جاز ) إذ الواجب مرة
قال العلامة ابن عابدين – رحمه الله – : قوله ( ليحصل المسنون ) وهو تثليث الغسلات المستوعبات جسده إمداد قوله ( لما مر ) أي من قوله ليحصل السمنون ط قوله ( وإن زاد ) أي عند الحاجة لكن ينبغي أن يكون وترا ذكره في شرح مختصر الكرخي شرح المنية قوله ( قوله جاز ) أي صح وكره بلا حاجة لأنه إسراف أو تقتير (رد المحتار ٢/١٩٦)