إعادة البركة والسرور إلى بيوتنا
ذات مرة، كان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، وعلقت سيّدتنا عائشة رضي الله عنها على الباب سترا عليه تصاوير، لأن سيدتنا عائشة رضي الله عنها لم تكن تعلم حرمة تصوير الحي ذوات الأرواح بعد.
فلما قدم سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت السيدة عائشة رضي الله عنها، ووقع نظره على الستر، لم يرض به. سلّمت عليه السيدة عائشة رضي الله عنها، فلم يجبها وأسرع إلى الستر فهتكه. فلمّا رأت السيدة عائشة رضي الله عنها ما فعل سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أدركت أنها أتت بشيئ كبير أغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت متواضعة نادمة: يا رسول الله أتوب إلى الله وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم فماذا أذنبت؟
كان قلب سيدتنا عائشة رضي الله عنها مليئا بحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلّم حتى ما استطاعت أن تتحمل غضب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم لحظة واحدة. فهي – وإن لم تكن تعلم ما ذنبها – أسرعت إلى التوبة أوّلا ثم سألت سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يذكر لها ذنبها الذي ارتكبته كيلا تعود إليه في المستقبل.
فذكر لها سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عاقبة المصورين الوخيمة قائلا: أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله (أي المصورون)
وليعلم أنه يحرم الاحتفاظ بالصور كما يحرم التقاطها. فعن جابر رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصورة في البيت، ونهى عن أن يصنع ذلك (سنن الترمذي، الرقم: ١٧٤٩)
ويدلّ على عظم ذنب التصوير وقبحه ما ورد أنه صلى الله عليه وسلم قال: إن أشد الناس عذابا يوم القيامة رجل قتل نبيا أو قتله نبي وإمام ضلالة وممثل من الممثلين (أي مصوّر) (شرح معاني الآثار، الرقم: ٦)
تصوّر عظم ذنب التصوير وشدة شناعته حيث جعل سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم المصوّر مع القاتل للنبي والإمام الذي يضل الناس.
وورد في حديث آخر أنه صلى الله عليه وسلم قال: كل مصور في النار (صحيح مسلم، الرقم: ٢١١٠) وقال أيضا: إن البيت الذي فيه الصور لا تدخله الملائكة (صحيح البخاري، الرقم: ٢١٠٥)
وجاء في حديث عند الإمام الترمذي رحمه الله، (الرقم: ٢٥٧٤)، أنه تخرج عنق من النار يوم القيامة لها عينان تبصران وأذنان تسمعان ولسان ينطق، يقول: إني وكلت بثلاثة، بكل جبار عنيد، وبكل من دعا مع الله إلها آخر، وبالمصورين
وروي أن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يدخل الكعبة يوم فتح مكة، ولكنه امتنع أولا أن يدخل لما كان فيها من الأصنام. فأمر أن تخرج الأصنام منها ثم دخلها. (شرح الزرقاني على المواهب اللدنية ٣/٤٦٥)
وبعدما دخل صلى الله عليه وسلم الكعبة، رأى تصاوير على جدرها الداخلية، فأمر أن تمحى وقال: قاتل الله قوما يصورون ما لا يخلقون. (شرح الزرقاني على المواهب اللدنية ٣/٤٨٣)
في الأيام الحالية، إذا تقصيت أسباب فقدان البركة والرحمة في بيوت المسلمين، وجدت أكبرها وجود الصور فيها، لأن الملائكة لا تدخل بيوتا فيها صور، فتحرم (البيوت) الرحمة والبركة. وذلك ينتج عن الاختلاف والنزاع بين الأسرة وغير ذلك من شتى المشاكل.
وحينما نبحث عن السبب الرئيسي للانحطاط الديني في الأمة، والتفريق بين الزوجين، وارتكاب الذنوب على التواصل الاجتماعي، نجد أن هذه المشاكل ترجع بطريقة ما إلى التصوير. فالطريق الوحيد لتقوية علاقتنا بالله تعالى ولاكتساب الخير في ديننا أن نلتزم بتعاليم سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن ننتهي عن كل نوع من أنواع التصوير.
وفقنا الله تعالى لإقامة أحكام الشرع في حياتنا وللتأسي بسنن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم في جميع شعب حياتنا.