السؤال: كان رجل يسافر بالحافلة. وبما أن السفر كان طويلا، فالحافلة قد تسير بدون وقوف خلال مدة الصلاة. فكيف يصلي في هذه الصورة؟ هل يجوز أن يصلّي وهو على مقعده؟
الجواب: في هذه الصورة، ينبغي أن يحاول الإنسان أن يصلّي قائما متوجّها إلى القبلة. فلو صلّى كذلك، فلا إعادة عليه. أما إذا لم يمكنه ذلك، فليصلّ على مقعده وليُعِدْ صلاته فيما بعد.
العذر إن كان من قبل الله تعالى لا تجب الإعادة وإن كان من قبل العبد وجبت الإعادة (البحر الرائق ١/١٤٩)
ثم من المعلوم أن الزحام ليس بعذر يجوز للإيماء بالسجود فليتنبه لذلك (حلبة المجلي 2/72)
لكن رأيت في القنية برمز صاحب المحيط: راكب السفينة إذا لم يجد موضعا للسجود للزحمة ولو أخر الصلاة تقل الزحمة فيجد موضعا يؤخرها وإن خرج الوقت على قياس قول أبي حنيفة في المحبوس إذا لم يجد ماء ولا ترابا نظيفا لكن تقدم في التيمم أن الأصح رجوع الإمام إلى قولهما بأنه لا يؤخرها بل يتشبه بالمصلين (رد المحتار2/41)
وأما المحبوس في السجن فإن كان في موضع نظيف وهو لا يجد الماء كان أبو حنيفة رحمه الله تعالى يقول: إن كان خارج المصر صلى بالتيمم وإن كان في المصر لم يصل وهو قول زفر رضي الله تعالى عنه ثم رجع فقال: يصلي ثم يعيد وهو قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى. وجه قوله الأول أن عدم الماء في المصر غير معتبر شرعا حتى لا يسقط عنه الفرض بالتيمم ويلزمه الإعادة فلم يكن التيمم طهورا له ولا صلاة إلا بطهور. وجه قوله الآخر أن عدم الماء في المصر إنما لا يعتبر لأنه لا يكون إلا نادرا فأما في السجن فعدم الماء ليس بنادر فكان معتبرا فأمر بالصلاة بالتيمم لعجزه عن الماء فأما الإعادة ففي القياس لا يلزمه وهو رواية عن أبي يوسف رحمه الله تعالى كما لو كان في السفر وفي الاستحسان يعيد لأن عدم الماء كان لمعنى من العباد ووجوب الصلاة عليه بالطهارة لحق الله تعالى فلا يسقط بما هو من عمل العباد بخلاف المسافر فإن هناك جواز التيمم لعدم الماء لا للحبس فلا صنع للعباد فيه فهو نظير المقيد إذا صلى قاعدا تلزمه الإعادة إذا رفع القيد عنه بخلاف المريض. (المبسوط للسرخسي ١/١٢٣)
صلاة الفرض والواجب فيها وهي جارية حال كونه قاعدا بلا عذر به وهو يقدر على الخرج منها صحيحة عند الإمام الأعظم أبي حنيفة رحمه الله تعالى لكن بالركوع والسجود لا بالإيماء لأن الغالب في القيام دوران الرأس والغالب كالمتحقق لكن القيام فيها والخروج أفضل إن أمكنه لأنه أبعد عن شبهة الخلاف وأسكن لقلبه وقالا أي أبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى: لا تصح جالسا إلا من عذر وهو الأظهر لحديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الصلاة في السفينة فقال: صل فيها قائما إلا أن تخاف الغرق وقال مثله لجعفر ولأن القيام ركن فلا يترك إلا بعذر محقق لا موهوم (مراقي الفلاح صـ 155)