إن الأذان من شعائر الإسلام. وللمؤذنين الذين يدعون الناس إلى الصلاة مكانة سامية في ديننا. ولهم شرف عظيم في الآخرة. وقد ورد في فضائل المؤذن أحادبث عديدة. منها:
١. للمؤذن رتبة ممتازة يوم القيامة
فعن معاوية رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: المؤذنون أطول الناس أعناقا يوم القيامة (صحيح مسلم، الرقم: ٣٨٧)
ولا يراد من “طول الأعناق” معناه الحقيقي، بل المراد تميزهم عن سائر الناس، وارتفاع شأنهم عليهم.
٢. المؤذن يكون على كثبان المسك يوم القيامة
فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة على كثبان المسك أراه قال يوم القيامة يغبطهم الأولون والآخرون رجل ينادي بالصلوات الخمس في كل يوم وليلة ورجل يؤم قوما وهم به راضون وعبد أدى حق الله وحق مواليه (سنن الترمذي، الرقم: ٢٥٦٦، وقال: هذا حديث حسن غريب)
٣. للمؤذن أجر عظيم في الآخرة
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا (صحيح البخاري، الرقم: ٦١٥)
٤. يشهد للمؤذن يوم القيامة كل من سمع أذانه من الجن والإنس وغيرهما من الخلق.
فعن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة الأنصاري ثم المازني عن أبيه أنه أخبره أن أبا سعيد الخدري رضي الله عنه قال له إني أراك تحب الغنم والبادية فإذا كنت في غنمك أو باديتك فأذنت بالصلاة فارفع صوتك بالنداء فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة قال أبو سعيد سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم (صحيح البخاري، الرقم: ٦٠٩)
٥. يغفر للمؤذن ويعطى مثل أجر من صلى بسبب أذانه
فعن البراء بن عازب رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله وملائكته يصلون على الصف المقدم والمؤذن يغفر له بمد صوته ويصدقه من سمعه من رطب ويابس وله مثل أجر من صلى معه (سنن النسائي، الرقم: ٦٤٥، وإسناده حسن جيد كما في الترغيب والترهيب للمنذري ١/٢٤٣)
٦. المؤذن من خيار عباد الله تعالى
فعن ابن أبي أوفى رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن خيار عباد الله الذين يراعون الشمس والقمر والنجوم والأظلة لذكر الله (أي: المؤذّنون) (المستدرك على الصحيحين للحاكم، الرقم: ١٦٣، وإسناده صحيح كما قال الذهبي في التلخيص)
٧. تكتب براءة من النار لمن أذن سبع سنين
فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من أذن سبع سنين محتسبا كتبت له براءة من النار (سنن الترمذي، الرقم: ٢٠٦، وسكت عنه الحافظ في الفصل الثاني من هداية الرواة (١/٣١٨) فلا تقل درجته عن الحسن عنده)
٨. دعا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم للمؤذن
فعن أبى هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن اللهم أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين (سنن أبي داود، الرقم: ٥١٧، وسكت عنه الحافظ في الفصل الثاني من هداية الرواة (١/٣١٨) فلا تقل درجته عن الحسن عنده)
٩. كان الصحابة رضي الله عنهم يرغبون كل رغبة في التأذين وأن يكون أولادهم مؤذنين أيضا
- رغبة سيدنا علي رضي الله عنه أن يكون ابناه – سيدنا الحسن وسيدنا الحسين رضي الله عنهما – مؤذنَين:
عن علي رضي الله عنه قال ندمت أن لا أكون طلبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيجعل الحسن والحسين مؤذنين (مجمع الزوائد، الرقم: ١٨٣٦)[١]
- رغبة سيدنا عمر رضي الله عنه أن يكون مؤذّنا
عن قيس بن أبي حازم قال قدمنا على عمر بن الخطاب فسأل من مؤذنكم فقلنا عبيدنا وموالينا فقال بيده هكذا يقلبها عبيدنا وموالينا إن ذلكم بكم لنقص شديد لو أطقت الأذان مع الخلافة لأذنت (السنن الكبرى للبيهقي، الرقم: ٢٠٠٢)
وعن عمر رضي الله عنهما أنه قال لو كنت مؤذنا لكمل أمري وما باليت أن لا أنتصب لقيام ليل ولا لصيام نهار سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اللهم اغفر للمؤذنين ثلاثا قلت يا رسول الله تركتنا ونحن نجتلد على الأذان بالسيوف فقال كلا يا عمر إنه سيأتي زمان يتركون الأذان على ضعفائهم تلك لحوم حرمها الله على النار لحوم المؤذنين (كشف الخفاء، الرقم: ٢١١٨)
[١] رواه الطبراني في الأوسط وفيه الحارث وهو ضعيف
قال أبو عيسى: وقد ضعف بعض أهل العلم الحارث الأعور (سنن الترمذي، الرقم: ٢٨٢)
قال العلامة ظفر أحمد التهانوي في إعلاء السنن (١٧/٢١٧): والحارث مختلف فيه احتج به أصحاب السنن ومنهم النسائي مع تعنته في الرجال قال الذهبي في الميزان وحديث الحارث في السنن الأربعة والنسائي مع تعنته في الرجال فقد احتج به وقوى أمره والجمهور على توهين أمره مع روايتهم لحديثه في الأبواب هذا الشعبي يكذبه ثم يروي عنه والظاهر أنه كان يكذب في لهجته وحكايته وأما في الحديث النبوي فلا وكان من أوعية العلم قال مرة بن خالد أنبأنا محمد بن سيرين قال كان من أصحاب ابن مسعود خمسة يؤخذ عنهم أدركت منهم أربعة وفاتني الحارث فلم أره وكان يفضل عليهم وكان أحسنهم ويختلف في هؤلاء الثلاثة أيهم أفضل علقمة ومسروق وعبيدة وقال عباس عن ابن معين ليس به بأس وكذا قال النسائي وعنه قال ليس بالقوي (وهذا تليين هين) وقال عثمان الدارمي سألت يحيى بن معين عن الحارث الأعور فقال ثقة قال عثمان ليس يتابع يحيى على هذا اهـ
وخلاصة الكلام في الحارث الأعور كما قال الحافظ ابن حجر في التقريب (الرقم: ١٠٢٩) أن فيه ضعفا.
[٢] حدثنا يزيد ووكيع قالا حدثنا إسماعيل عن شبيل بن عوف قال قال عمر من مؤذنوكم قالوا عبيدنا وموالينا قال إن ذلك لنقص بكم كبيرا إلا أن وكيعا قال كثير أو كبير حدثنا يزيد ووكيع عن إسماعيل قال قال قيس قال عمر لو كنت أطيق الأذان مع الخليفى لأذنت (المصنف لابن أبي شيبة، الرقم: ٢٣٥٩، ٢٣٦٠)
سكت عليه الحافظ في التلخيص الحبير (الرقم: ٣١٣)
[٣] لولا الخليفى لأذنت رواه أبو الشيخ ثم البيهقي عن عمر من قوله ورواه سعيد بن منصور عنه أنه قال لو أطيق مع الخليفى لأذنت ولأبي الشيخ ثم الديلمي عنه أنه قال لو كنت مؤذنا لكمل أمري وما باليت أن لا أنتصب لقيام ليل ولا لصيام نهار سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اللهم اغفر للمؤذنين ثلاثا قلت يا رسول الله تركتنا ونحن نجتلد على الأذان بالسيوف فقال كلا يا عمر إنه سيأتي زمان يتركون الأذان على ضعفائهم تلك لحوم حرمها الله على النار لحوم المؤذنين والخليفى بكسر المعجمة واللام المشددة والقصر الخلافة وهو وأمثاله من الأبنية الدليلى مصدر يدل على الكثرة يعني هنا لولا كثرة الاشتغال بأمر الخلافة وضبط أحوالها لأذنت (كشف الخفاء، الرقم: ٢١١٨)