لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم الخروج إلى غزوة تبوك، استخلف سيدنا عليا رضي الله عنه على المدينة المنوّرة، ليراعي أهلها وينظّم أمورهم أثناء غيابه عنها.
فامتثالا لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، مكث سيدنا علي رضي الله عنه في المدينة المنوّرة ولم يخرج مع الجيش. لكن بعض الناس أشاعوا كذبا وزورا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما خلفه لشيء كرهه منه. فلمّا سمع علي رضي الله عنه ذلك، لم يلبث أن يذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويذكر له ذلك.
وورد في رواية أخرى أن عليا رضي الله عنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، إني أكره أن تقول العرب: خذل ابنَ عمه (رسولَ الله صلى الله عليه وسلم) وتخلّف عنه.
هذا إلى أن عليا رضي الله عنه كان يشتاق اشتياقا بالغا أن يخرج مع الجيش ليجاهد في سبيل الله، فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلّم: أتخلفني في الصبيان والنساء؟
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم وهو يسلّيه: ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه ليس نبي بعدي.
والمقصود أن سيدنا موسى عليه السلام لما أراد أن يذهب إلى الطور، استخلف أخاه هارون عليه السلام على الناس، فذلك يدلّ على رتبة هارون عليه وسلم العالية وثقة موسى عليه وسلم به، فكذلك استخلاف رسول الله صلى الله عليه وسلّم عليا رضي الله عنه على أهل المدينة المنوّرة في غيابه يدلّ على ثقة رسول الله صلى الله عليه وسلم به.
فلما سمع علي رضي الله عنه ذلك، قال: رضيتُ رضيتُ. (من صحيح البخاري، الرقم: ٤٤١٦، فتح الباري ٧/٧٤)