الرئيسية / الصحابة / يفوَّض إلى سيدنا عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه تعيين الخليفة

يفوَّض إلى سيدنا عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه تعيين الخليفة

 

حدّد سيدنا عمر رضي الله عنه قبل موته ستة من الصحابة الكرام رضي الله عنهم وأمرهم باختيار الخليفة من بينهم، وهم سيدنا علي رضي الله عنه وسيدنا عثمان رضي الله عنه وسيدنا الزبير رضي الله عنه وسيدنا طلحة رضي الله عنه وسيدنا سعد رضي الله عنه وسيدنا عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه.

قال سيدنا عمر رضي الله عنه عنهم: ما أجد أحدا أحق بهذا الأمر من هؤلاء النفر الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض (صحيح البخاري، الرقم: ٣٧٠٠)

فلما توفي سيدنا عمر رضي الله عنه، جمعهم سيدنا المقداد بن الأسود رضي الله عنه في بيت سيدنا المسور بن مخرمة رضي الله عنه، فجلسوا في البيت، وقام أبو طلحة يحجبهم (يمنع الناس من الدخول عليهم وإزعاجهم).

فاتفق أهل الشورى أن يفوض ثلاثة منهم حقه إلى ثلاثة؛ ففوض سيدنا الزبير رضي الله عنه ما يستحقه من الإمارة إلى سيدنا علي رضي الله عنه، وفوض سيدنا سعد رضي الله عنه ما له في ذلك إلى سيدنا عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه وترك سيدنا طلحة رضي الله عنه حقه لسيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه.

فقال سيدنا عبد الرحمن رضي الله عنه: إني أترك حقي من ذلك، واللهُ علي والإسلام (أي: عَلَيَّ عهد الله والإسلام) أن أجتهد فأوّلي أولاكما بالحق (أترك حقي على أن تفوضاني تعيين الخليفة منكما) فقالا: نعم. فأخذ أخذ عل كل واحد منهما العهد والميثاق لئن ولاه ليعدلن ولئن ولي عليه ليسمعن وليطيعن، فقال كل منهما: نعم. ثم تفرقوا.

فسعى في ذلك عبد الرحمن ثلاثة أيام بلياليها لا يغتمض بكثير نوم إلا صلاة ودعاء واستخارة، وسؤالا من ذوي الرأي وغيرهم.

فلما كانت الليلة التي يسفر صباحها عن اليوم الرابع من موت عمر بن الخطاب، جاء إلى منزل ابن أخته المسور بن مخرمة، فقال: أنائم يا مسور! والله لم أغتمض بكثير نوم منذ ثلاث اذهب فادع لي عليا وعثمان. قال المسور: فقلت: بأيهما أبدأ؟ فقال: بأيهما شئت. فذهب إليهما ودعاهم إلى سيدنا عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه.

فلما دخل بهما بيته، وجدوا سيدنا عبد الرحمن رضي الله عنه قائما يصلي، فلما انصرف أقبل على علي وعثمان فقال: إني قد سألت الناس عنكما، فلم أجد أحدا يعدل بكما أحدا.

ثم أخذ العهد على كل منهما أيضا لئن ولاه ليعدلن، ولئن ولى عليه ليسمعن وليطيعن، فاتفقا على ذلك.

ثم خرج بهما إلى المسجد وقد لبس عبد الرحمن العمامة التي عمّمه بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقلد سيفا، وبعث إلى وجوه الناس من المهاجرين والأنصار ونودي في الناس عامة أن يأتوا إلى المسجد. فامتلأ المسجد حتى غص بالناس، وتراص الناس، وتراصوا حتى لم يبق لسيدنا عثمان رضي الله عنه موضع يجلس فيه إلا في أخريات الناس – وكان رجلا حييا، رضي الله عنه –

ثم صعد سيدنا عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوقف وقوفا طويلا، ودعا دعاء طويلا، ثم قال: أيها الناس إني قد سألتكم سرا وجهرا، مثنى وفرادى، فلم أجدكم تعدلون بأحد هذين الرجلين؛ إما علي وإما عثمان، قم يا عثمان. فأخذ بيده وكلّفه بالخلافة فقعد سيدنا عبد الرحمن رضي الله عنه مقعد النبي صلى الله عليه وسلم، وأجلس سيدَنا عثمان رضي الله عنه تحته على الدرجة الثانية، وجاء إليه الناس يبايعونه، وبايعه علي بن أبي طالب أوّلا. (من البداية والنهاية ١٠/٢٠٩ – ٢١٢)

شاهد أيضاً

يؤمّر رسول الله صلى الله عليه وسلم سيدنا عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه على جيش دومة الجندل

في شعبان سنة ست، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسيدنا عبد الرحمن بن …