الرئيسية / الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر / سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم طبيبا للباطن – الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر – ١٠

سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم طبيبا للباطن – الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر – ١٠

إن الرسول صلى الله عليه وسلم – كما أمر بتلاوة القرآن الكريم وتعليم الأمة معانيه وأحكامه – أمر بتزكية الناس بإرشادهم إلى مكارم الأخلاق وبإصلاح أعمالهم وتخليتهم من جميع الرذائل والخصائل الدنيئة، لأن تزكية الأمة من الأمور المهمة للغاية، فبها تصلح أحوال الأمة ويستقيم دينهم. فمن المعلوم أن الإنسان لا يجد حلاوة الإيمان ونوره والرغبة في الأعمال الصالحة ما دام يرتكب المعاصي والذنوب. بل يغلبه حب المال واللذات حتى يستخدم الدين لنيل لذاته ورغباته، فيؤوّل القرآن الكريم والأحاديث الشريفة على غير وجههما ليبرّر هواه.

وليعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث كطبيب لتزكية الناس من جميع الأمراض الباطنة ولتخليتهم من جميع الخصائل السيئة. لأن تزكية الباطن تسبّب بقاء الدين محفوظا سالما من التحريف والتغيير.

فعن عمرو بن عوف قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إني أخاف على أمتي من ثلاث: من زلة عالم ومن هوى متبع ومن حكم جائر.

فأول الأشياء التي خافها سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمته زلة العالم. فإن العالم إذا زلّ وابتعد عن الصواب في أمر من أمور الدين، يتعلّم الناس منه ما هو غير سديد وحقّ ، فيعملون بذلك، وهكذا تتغيّر أحكام الدين، فتفسد الأحوال وتنتشر البدع بين الناس بدلا من أن تحيى السنة.

والشيء الثاني الذي خافه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمته اتباعهم هواهم، فإن ذلك يفضي بهم إلى انتهاك حرمات الله عزّ وجلّ. فإن المرء إذا قصد نيل هواه بأي طريق كان، تجاوز جميع الحدود اتباعا لهواه. فإن كان هواه لجمع المال يقضي بانتهاك أمر الله عزّ وجلّ، لم يبال بذلك ويفعل ما يشاء، وهكذا يهدم دينه ودين غيره، فإن كان ذا منصب، يستغل منصبه لنيل الشهرة أو المال، فيقضي بما يحصل به على ما يريد من المال، ولا ينوي نفع الدين.

والشيء الثالث الذي خافه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمته حكم حاكم ظالم. فإنه إذا كان حكمه حكم جور وظلم، يعاني جميع الناس من عاقبة حكمه الوخيمة. فسلامة الدين والدنيا تبتني على حكم الحاكم.

والحاصل أن عاقبة هذه الأمور إفساد دين الأمة. ولذلك بعث الله عزّ وجلّ سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليشفي الأمة من الأمراض الباطنة، لأن باطن الأمة إذا كان طاهرا نقيا، يجدون الرغبة في العمل بأحكام الدين ويبلّغونها الأجيال القادمة. فتخلية الأمة من الرذائل هي الخطة التي يتوقّف عليها حفظ الدين.

فللقيام بوظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لا بدّ أن يعتني الإنسان بإصلاح خلقه وحياته حتى يرشد الناس إلى الصواب بدون تحقيرهم.  كما أنه يلزم عليه تصحيح نيته، فلا ينوي انتقاص الآخرين ولا إبراز ما عنده من العلم، لأنه من أسباب العقاب في الآخرة.

شاهد أيضاً

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر – ٦

انصح الناس من دون أن تفضحهم من المهم للغاية لمن ينصح الغير الملتزمين أن يسلك مسلك اللين والرفق معهم، وأن يبتعد كلّ الابتعاد عن تعييرهم وإحراجهم بأي طريق كان. وهي سنة سلكها سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم وجميع الأنبياء والرسل عليهم السلام. واقتدى الصحابة رضي الله عنهم والسلف الصالح بسنتهم أحسن الاقتداء عند دعوة الناس إلى الإسلام أو نصحهم وتصحيحهم.