انصح الناس من دون أن تفضحهم
من المهم للغاية لمن ينصح الغير الملتزمين أن يسلك مسلك اللين والرفق معهم، وأن يبتعد كلّ الابتعاد عن تعييرهم وإحراجهم بأي طريق كان.
وهي سنة سلكها سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم وجميع الأنبياء والرسل عليهم السلام. واقتدى الصحابة رضي الله عنهم والسلف الصالح بسنتهم أحسن الاقتداء عند دعوة الناس إلى الإسلام أو نصحهم وتصحيحهم.
دعوة فرعون إلى الإسلام
لما أمر الله تعالى سيدنا موسى عليه السلام وسيدنا هارون عليه السلام أن يذهبا إلى فرعون ليدعواه إلى الإسلام، أمرهما باللين والرفق، فقال: فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ (سورة طه: ٤٤)
ومن فرعون؟ هو الذي ادعى الألوهية، وارتكب أبشع الذنوب وأشنعها، على الرغم من ذلك، أمر الله تعالى سيدنا موسى عليه السلام أن يليّن له القول عند دعوته إلى الإسلام.
هارون الرشيد رحمه الله ينصح رجلا
حكي أن رجلا من الزهاد أتى هارون الرشيد يوما، فقال: يا هارون، اتق الله، فأخذه هارون الرشيد فخلا به، وقال: يا هذا أنصفني، أنا شر أم فرعون؟ قال: بل فرعون، قال: فأنت خير أم موسى عليه السلام؟ قال: بل موسى عليه السلام، قال: أفما تعلم أن الله تعالى لما بعثه وأخاه إليه قال: فقولا له قولا لينا وقد جبهتني بأغلظ الألفاظ، فلا بأدب الله تأدّبت، ولا بأخلاق الصالحين أخذت.
قال الرجل: أخطأت وأنا أستغفر الله، فقال هارون: غفر الله لك، وأمر له بعشرين ألف درهم، فأبى الرجل أن يأخذها. (المنتظم ٨/٣٢8)
فلنتذكّر عندما ننصح أحدا: لست خيرا من سيدنا موسى عليه السلام، وليس الذي أنصحه شرا من فرعون، فينبغي أن ألتزم بالرفق واللين والمحبّة والشفقة عندما أنصحه وأجتنب فضحه وتعييره كلّ الاجتناب.