الرئيسية / الصحابة / زهد سيدنا أبي ذر رضي الله عنه في الدنيا

زهد سيدنا أبي ذر رضي الله عنه في الدنيا

كان سيدنا أبو ذر رضي الله عنه صحابيا يشبه سيدنا عيسى عليه السلام في خَلقه وصفاته الجميلة.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أحب أن ينظر إلى المسيح عيسى ابن مريم إلى بره وصدقه وجده (اجتهاده في العبادة) فلينظر إلى أبي ذر (مجمع الزوائد، الرقم: ١٥٨١٧)

وقال أيضا: من سره أن ينظر إلى شبيه عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم خلقا وخلقا فلينظر إلى أبي ذر (مجمع الزوائد، الرقم: ١٥٨٢٠)

من الخصال البارزة التي تميَّز بها سيدنا أبو ذرّ رضي الله عنه صفة الزهد في الدنيا. فعاش بعد دخوله في الإسلام حياةً تُشبه حياة الأنبياء عليهم السلام في الإعراض عن الدنيا، وصار همّه الآخرة وطلب رضا الله تعالى.

وقد وصل إلى هذه الدرجة بمصاحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقد كان قبل الإسلام شديد الحب للمال، حتى كان يقطع الطريق على القوافل طلبا للمال والثروة.

وقد رُوي أن حبّ المال خرج من قلبه بعدما سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم الوعيد الشديد لمن لا يؤدي حقوق الأموال التي أنعم الله تعالى بها عليه. وكذلك لما رأى حياة الزهد التي كان يعيشها رسول الله صلى الله عليه وسلم، اختار لنفسه حياة البساطة والزهد وترك التعلّق بالدنيا.

فعن سيدنا أبي ذر رضي الله عنه أنه قال: انتهيت إليه وهو في ظل الكعبة، يقول: هم الأخسرون ورب الكعبة، هم الأخسرون ورب الكعبة،

قلت: ما شأني أيُرى في شيء، ما شأني (ما حالي وما أمري هل أنزل في شيء) ؟ فجلست إليه وهو يقول (ذلك)، فما استطعت أن أسكت، وتغشاني (من الغم) ما شاء الله، فقلت: من هم بأبي أنت وأمي يا رسول الله؟ قال: الأكثرون أموالا، إلا من قال هكذا، وهكذا، وهكذا – من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله (من صحيح البخاري، الرقم: ٦٦٣٨، مسند أحمد، الرقم: ٢١٤٩١، مصنف ابن أبي شيبة، الرقم: ٣٤٣٨٦)

وبعبارة أخرى: الذين يُؤدّون حقوق أموالهم بإخراج الزكاة للفقراء، ويوفون ما عليهم من الحقوق – كالنَّفقة على الأهل، وسداد الديون، ونحو ذلك – فهؤلاء لا يكون مالُهم سببًا في دخولهم النار أو تعرّضهم للعقوبة.

قال سيدنا أبو ذر رضي الله عنه: كنت أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم في حرة المدينة، فاستقبلنا أحد (وكان قبيل المغرب وكادت الشمس تغرب)  فقال: يا أبا ذر، قلت: لبيك يا رسول الله، قال: ما يسرني أن عندي مثل أحد هذا ذهبا، تمضي علي ثالثة وعندي منه دينار، إلا شيئا أرصده لدين (من صحيح البخاري، الرقم: ٦٦٣٨، فتح الباري 11/298)

وبالنظرِ إلى حياة الرسول صلى الله عليه وسلم المليئة بالزهد والتقلل من الدنيا، وبسبب سماع الوعيد الشديد لمن يملك المال ولا يؤدي حقوقه وحقوق الخلق منه، رسخ في قلبه نفور شديدٌ من المال، حتى صار يكره ادّخار المال ولا يحب أن يرى الناس يدخرون عندهم أموالًا زائدة عن حوائجهم.

شاهد أيضاً

إسلام سيدنا أبي ذر رضي الله عنه

حال سيدنا أبي ذر رضي الله عنه قبل الإسلام كان سيدنا أبو ذر رضي الله …