من أعظم القيم التي يحثّ الإسلام المسلمين عليها الحياء (الحشمة والاحترام). فالحياء هو الوسيلة لاكتساب القيم الإسلامية المنيفة الغراء.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لكل دين خلق، وخلق الإسلام الحياء (موطأ الإمام مالك، الرقم: ٣٣٥٩)
فالحياء له أهمية بالغة في جميع شعب الحياة الدينية والدنيوية، لكن من أهمها الحياء في التعامل بين الرجال والنساء. فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حريصا على ألا يكون بين الرجال والنساء اختلاط.
وقد أمر الله عزّ وجلّ النساء بلزوم بيوتهن وعدم الخروج منها (إلا لضرورة). وإنما أمرن بذلك ليُحفظن من نظرات الرجال.
خير شيء للمرأة
ذات يوم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لصحابته رضي الله عنهم: أي شيء خير للمرأة؟ فسكتوا، قال علي رضي الله عنه: فلما رجعت قلت لفاطمة: أي شيء خير للنساء؟ قالت: لا يرين الرجال ولا يرونهن، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: إنما فاطمة بضعة مني (مسند البزار كما في كنز العمال، الرقم: ٤٦٠١٢)
أهمية الحجاب في التعامل مع النساء في حياة الشيخ محمد إلياس الكاندهلوي رحمه الله
لقد كان سلفنا الصالح يتمسّكون بهذا الأمر العظيم من الدين – مراعاة الحجاب عند التعامل مع النساء دائما. ولم يكن سلوكهم ذلك إلا لأجل العمل بأمر القرآن الكريم وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفيما يلي قصة لفضيلة الشيخ محمد إلياس الكاندهلوي رحمه الله وهي تعكس مدى الأهمية العظيمة للحجاب في التعامل مع النساء غير المحارم في جميع الأوقات:
عندما كان الشيخ محمد إلياس رحمه الله متجهًا إلى حجه الأخير عام 1357 هـ، كانت هناك سفينتان للركاب في كراتشي تتنافسان في جذب الركاب. قامت إحدى سفن الركاب بتخفيض سعر التذكرة إلى 55 روبية، ولكن كان على الركاب الذين كانوا على متن هذه السفينة أخذ إبرة من يد طبيبة.
وعندما علم الشيخ رحمه الله بذلك، غضب وقال: الناس متجهون لأداء فرض ديني عظيم، ومع ذلك يسمحون للمرأة بمسّ أجسادهم، فيرتكبون بذلك محظورًا؟! لا أقبل إبرة من غير محرم!
أخبر الشيخ رحمه الله أنهم إذا لم يسارعوا إلى ركوب السفينة الآن – بعد أخذ الإبرة من الطبيبة – فربما يفقدون هذا الخصم ويضطرون إلى دفع 182 روبية بدلًا من 55 روبية.
أجاب الشيخ رحمه الله: على الرغم من مقدار الخصم الذي قد أحصل عليه، فأنا لست مستعدًا للسماح لامرأة أن تمس جسدي. فرفض اقتراحهم وبقيت الجماعة بأكملها في مكانهم.
وفي النهاية، عندما علمت شركة سفينة الركاب بما حدث، أجرت عدة مكالمات هاتفية بحثًا عن طبيب (ذكر). وأخيرا، وصل طبيب، وكان مغضبا منزعجا. وسأل: “أين الشيخ الذي لا يريد أخذ الإبرة من الطبيبة؟”
أخذ الشيخ رحمه الله والآخرون الإبرة من الطبيب، وحصلوا أيضًا على التذاكر بالسعر المنخفض (55 روبية).
ثم قال الشيخ رحمه الله: لم تمس جسدي امرأة غير مَحْرَمٍ طول حياتي إلا مرة، وهو عندما ذهبت لعيادة عجوز كانت في حالة صحية حرجة، وكانت في اللحظات الأخيرة من حياتها، حاولت إمساك يدي، لكنني سحبت يدي بسرعة ولم تمس يدُها سوى أطراف أصابعي.
توضّح هذه القصة بكل جلاء ووضوح ما كان عليه الشيخ محمد إلياس رحمه الله من التمسك بأمر الحجاب مع النساء الأجنبيات. لقد أكّد رحمه الله أنه لا ينبغي التنازل عن المبادئ الدينية في أي وقت. لقد كان رحمه الله مستعدًا لدفع المبلغ الإضافي بدلاً من السماح لامرأة بلمس جسده.
والله تعالى يتعامل مع عبده على حسب طاعته وإخلاصه. ففي النهاية، هيّأ الله تعالى أن يقوم طبيب بإعطاء الإبرة، وحصل الشيخ رحمه الله والجماعة كلهم على التذكرة بالسعر المنخفض.