الرئيسية / روضة الحب / روضة الحب – ٢٧

روضة الحب – ٢٧

الولد الصالح – استثمار للآخرة

من نعم الله العظيمة التي لا تقدّر بثمن نعمة الأولاد التي ذكرها الله عزّ وجلّ في القرآن الكريم فقال: وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ ٱلطَّيِّبٰتِ (سورة النحل: ٧٢)

أنعم الله عزّ وجلّ على الإنسان بنعم كثيرة لا ينتفع بها إلا في حياته. أما نعمة الولد الصالح، فيمتد نفعها إلى الآخرة. وذلك إذا غرس الوالد والوالدة في أولادهما القِيَمَ الإسلامية وربطاهم بالله عزّ وجلّ وقوّيا علاقتهم بالدين، فهم ينفعونهما ما داموا يقيمون الدين ويعملون بما علّمهم والداهم من تعاليم الإسلام وأحكام الدين.

فعن سيدنا أبي قتادة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خَيْرُ مَا يُخَلِّفُ الرَّجُلُ مِنْ بَعْدِهِ ثَلَاثٌ: وَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو لَهُ، وَصَدَقَةٌ تَجْرِي يَبْلُغُهُ أَجْرُهَا، وَعِلْمٌ يُعْمَلُ بِهِ مِنْ بَعْدِهِ (سنن ابن ماجه، الرقم: ٢٤١)

وقال صلى الله عليه وسلم: مَا نَحَلَ وَالِدٌ وَلَدًا مِنْ نَحْلٍ أَفْضَلَ مِنْ أَدَبٍ حَسَنٍ (سنن الترمذي، الرقم: ١٩٥٢)

وقال: أَكْرِمُوا أَوْلَادَكُمْ وَأَحْسِنُوا أَدَبَهُمْ (سنن ابن ماجة، الرقم: ٣٦٧١)

وقد أكّد الله عزّ وجلّ على أهمية تربية الأولاد فقال: يٓأَيُّهَا الَّذِينَ اٰمَنُوْا قُوٓا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيْكُمْ نَارًا (سورة التحريم: ٦) أي: ينبغي أن تدلّ زوجتك وأولادك على تعليمات الدين وتنقذهم من الضلال. فإنك تسأل عنهم يوم القيامة كما قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا … (صحيح البخاري، الرقم: ٨٩٣)

وبالعكس، لو أهمل الإنسان تربية أولاده، ولم يزرع فيهم القيم الإسلامية، ولم يلاحظ من يصاحبون، فوقعوا في المنكرات والمعاصي، لكان هؤلاء الأولاد وبالا على الآباء في الدنيا والآخرة، بدلا من أن يعودوا عليهم بالنفع.

فقد روي أنه كان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللّٰهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ جَارِ السُّوءِ، وَمِنْ زَوْجٍ تُشَيِّبُنِي قَبْلَ الْمَشِيبِ، وَمِنْ وَلَدٍ يَكُونُ عَلَيَّ رَبًّا، وَمِنْ مَالٍ يَكُونُ عَلَيَّ عَذَابًا، وَمِنْ خَلِيلٍ مَاكِرٍ عَيْنُهُ تَرَانِي وَقَلْبُهُ تَرْعَانِي إِنْ رَأَى حَسَنَةً دَفَنَهَا، وَإِذَا رَأَى سَيِّئَةً أَذَاعَهَا (الدعاء للطبراني، الرقم: ١٣٣٩)

وكذلك روي أنه كان من دعاء النبي داود عليه السلام: اللّٰهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ مَالٍ يَكُونُ عَلَيَّ فِتْنَةً، وَمَنْ وَلَدٍ يَكُونُ عَلَيَّ وَبَالًا (مجمع الزوائد، الرقم: ١٧٤٢٩)

وقد علّم سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم صحابته الكرام رضي الله عنهم من خلال أحاديثه المباركة وأخلاقه الكريمة منهج تعليم الأطفال الدين وطريقة زرع القيم الإسلامية فيهم.

ومن الأمور التي يلزم علينا أن نلاحظها في تعليم الأطفال وتربيتهم:

١. تعليمهم العقائد الإسلامية وتقوية إيمانهم.

٢. تعليمهم أهمية أداء حقوق الله عزّ وجلّ و اجتناب المعاصي

٣. تعليمهم أهمية أداء حقوق الخلق

٤. تعليمهم الأدب والاحترام للآخرين وحسن الخلق معهم

٥. تعليمهم أهمية طهارة الظاهر والباطن

٦. غرس الحياء والخوف من الله فيهم

٧. حثهم على الصحبة الصالحة واجتناب الصحبة الطالحة

٨. تعليمهم كيف ينالون رحمة الله عزّ وجلّ

وفيما يلي من المقالات، سنسلّط الضوء على بعض هذه الأمور إن شاء الله

شاهد أيضاً

مقارنة الإسلام بالأديان السابقة – روضة الحبّ – ٥٩

عندما نقارن الإسلام بالأديان السابقة، نجد أن الإسلام لم يحرّم المنكرات والسيئات فحسب، بل حرّم …