إن الغرض من خلق الله عزّ وجلّ الدنيا وإرسال الأنبياء والرسل إليها إقامةُ الشريعة – الدستور الإلهي.
فكما تأمر حكومة كل دولة سكانها وتطالب بتعظيم دستوراتها وإقامتها في أرضها، كذلك أمر الله عزّ وجلّ – ملك الملوك وخالق جميع الكائنات – الخلق أن يقيموا دستوره الإلهي في الأرض وأن يعظّموه.
والفرق بين دستورات الحكومات الدنيوية ودستور الله عزّ وجلّ أن الدستورات الدنيوية من صنيع الإنسان، فهي ناقصة، ذات جهة واحدة، تراعي مصالح الحكومة وبعض الناس ولا تبالي بمصالح الآخرين.
وعلى عكس ذلك، دستور الله شامل كامل يعلّم الإنسان كيف يؤدّي حقوق الله عزّ وجلّ وكافّة الخلق بأحسن طريق وأعدله، بحيث يستطيع الإنسان أن يعيش بعزّة وطمأنينة ققوكرامة في جميع شعب الحياة، وأن يُسْعِد الآخرين.
لا شكّ أن الأنبياء العظام ومن تبعهم من الصالحين قد ضحّوا بحياتهم لإقامة الشريعة في الدينا والحفاظ عليها، لأنهم علموا أن ذلك أحبّ الأعمال إلى الله عزّ وجلّ. فإذا عظّم الإنسان الشريعة – أي شيء يتعلّق بها -، فذلك سبب يقيني ليحظى العبد بمرضاة الله عزّ وجلّ ومغفرته.
وقد حكيت قصص عديدة في التاريخ تدلّ على مغفرة الله عزّ وجلّ لمن عظّم شيئا من أمور الدين. وفيما يلي قصة مؤثّرة عن مغفرة الله عزّ وجلّ لزبيدة لتعظيمها الأذان.
كانت زبيدة زوجة الخليفة العباسي هارون الرشيد. ومن أعمالها الخيرية أنها أمرت بحفر قناة بين وادي النعمان ومكّة المكرمة لسقي أهل مكة المكرمة والحجّاج. هذا إلى أنها طوّرت الطريق بين بغداد ومكّة المكرّمة للحجّاج والمسافرين وقامت بإنشاء تسهيلات ومرافق لهم ببناء الدور للمسافرين وحفر الآبار وإقامة الأمن لهم. فلم يزل يستفيد من أعمالها الخيرية آلاف من الناس عبر القرون.
حكي أنها جلست يوما وبين يديها جوار لها وصويحبات يتحدثن في انشراح وطرب، وإذا بصوت المؤذن، فأسكتتهن هيبة وتعظيما لله تعالى وقالت لهن: قلن كما يقول المؤذن.
فلما ماتت، رئيت في المنام وهي جالسة على كرسي جليل الوصف، فقيل لها: ما فعل الله بك؟ قالت: غفر لي
قيل: بحفرك الآبار والمصانع وفعلك بطريق مكة ما فعلت؟ قالت: لا، تلك أموال كانت مغصوبة، رجع ثوابها إلى أربابها.
قيل: فبماذا؟ قالت: لما متُّ، أوقفني الحق (الله عزّ وجلّ) بين يديه وقال: يا ملائكتي، هذه زبيدة التي ذكرتني في وقت لذتها، أشهدكم أني قد غفرت لها. (من مرآة الزمان ١٤/١٥٧، والإشارات في علم العبارات صـ ٨٧١)
وفّقنا الله عزّ وجلّ لتعظيم الأذان وكلّ ما يتعلّق بالدين.