الرئيسية / الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر / الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر – ٤

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر – ٤

من المسؤول عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة دينية يجب القيام بها على كل فرد من أفراد الأمة بحسب استطاعته وفهمه للدين، فقد قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان (صحيح مسلم، الرقم: ٤٩)

ذكر العلماء أن الدرجة الأولى للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن يمنع الشخص المنكر بفعله وهي وظيفة الولاة والحكام في دولهم ووظيفة الأب في بيته، فإن له قدرة على منع أسرته بفعله عن ارتكاب المنكر.

والدرجة الثانية أن يمنع المرء المنكر بقوله وهي وظيفة العلماء وعامّة الناس إذا كانوا قادرين على تغيير المنكر وإصلاح الوضع.

والدرجة الثالثة أن يكره المرء المنكر بقلبه وذلك يلزم على من لا يقدر على تغيير المنكر ومنعه بوجه ما. فمن لم يقدر على النهي عن المنكر بأي طريق كان، وهو يتمكّن من الابتعاد عن المكان الذي يرتكب فيه المنكر، فعليه أن يبتعد عنه، إظهارا لإنكاره وكراهيته. فإن لم يتمكن من مغادرة ذلك المكان بسبب الظروف (مثلا: الإنسان في طائرة والموسيقى تعزف)، فلينكر الذنب بقلبه وليتب إلى الله تعالى.

مسؤولية عامة الناس والعلماء

أما عامة الناس فليقوموا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في أمور الدين الواضحة والمعروفة للجميع (مثل الحلال والحرام، وفرض الصلاة وحرمة الخمر ولحم الخنزير إلخ). أما القضايا المعقدة والمسائل الصعبة، فليردّوها إلى العلماء لتصحيحها.

حكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

في بعض الأحوال، يكون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض عين (فرضا على كل فرد مكلّف)، وفي أحوال أخرى يكون فرض كفاية (فرضًا على مجموع المكلّفين). وقد ذكر هذان النوعان من الفرض متفرّقين في القرآن الكريم.

كون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض عين

إنه فرض على كل شخص أن يهتم بأسرته وأن يسعى لإصلاحهم دينيا، فيجب عليه أن يحضّهم على امتثال أوامر الله تعالى من الصلاة والتمسك بالسنة ومصاحبة الصالحين وغيرها. وإذا رآهم يفعلون شيئاً من المنكر أو المعصية فعليه أن يمنعهم. يقول الله عزّ وجلّ:  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا (سورة التحريم: ٦)

تنصّ هذه الآية بشكل قاطع أن المرء إذا لم ينه أهله عن المنكر ولم يرشدهم إلى طريق الهداية، فإنه يكون مسؤولا عنهم.

فعن سيدنا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته، الإمام راع ومسئول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها … (صحيح البخاري، الرقم: ٨٩٣)

يدلّ هذا الحديث دلالة واضحة على أن الزوج مسؤول عن أسرته، وكذلك الزوجة مسؤولة عن أطفالها.

وعن سيدنا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال لرجل: أدّب ابنك، فإنك مسئول عن ولدك، ماذا أدّبته؟ وماذا علمته، وإنه مسئول عن برّك وطواعيته لك (شعب الإيمان، الرقم: 8295)

كون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض كفاية

وأما كون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض كفاية، فهو يجب على مجموع الأمة، أي: جميع الأمة مأمورة بأن يهتموا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما قال الله عزّ وجلّ: كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّٰه (سورة آل عمران: ١١٠)

فهذه الآية تدلّ على أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وظيفة هذه الأمة كلّهم. والمراد من فرض الكفاية أنه إذا قام به بعض أفراد الأمة، سقط عن الباقين، وإلا يأثم جميعهم.

الأجر الجزيل على القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

ذات مرّة، قال مجدد الألف الثاني الشيخ أحمد الفاروقي السرهندي (٩٧١ – ١٠٣٤ ه) رحمه الله: عندما ينفق الإنسان ولو درهما لأجل نشر علم الدين، فأجره عظيم للغاية حتى أنه يفوق أجر إنفاق مئات ألف في أعمال خيرية أخرى. وليعلم أن أعظم الأجور عند الله عزّ وجلّ في نشر الدين والمحافظة عليه وإحيائه بين الناس لا سيّما إذا كانت الشرائع تندرس ويبتعد الناس عن العقائد الحقة، ففي مثل تلك الحال إذا نشر شخص مسألة واحدة، نال أجرا أكثر من إنفاق مئات ألف في أمر ديني آخر (مجالس الأبرار – أشرف التفهيم صـ ٣٥)

شاهد أيضاً

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر – ٧

الأسلوب الحسن الذي اختاره السلف لإصلاح الناس سيدنا الحسن والحسين رضي الله عنهما يرشدان شيخا …