الاهتمام بإصلاح الأمة المسلمة
كان يأتي رجل من أهل الشام إلى المدينة المنوّرة للقاء سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه والانتفاع به. ثم مضت مدة، ولم يأت، فافتقده سيدنا عمر رضي الله عنه وسأل الناس عنه، فقالوا: يتابع في هذا الشراب
فأراد سيدنا عمر رضي الله عنه أن يرسل إليه كتابا يذكّره بدينه، فدعا كاتبه وأملى عليه الرسالة الآتية التي تتضمن أول آية من سورة الغافر:
من عمر بن الخطاب إلى فلان ابن فلان، سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، غافر الذنب وقابل التوب، شديد العقاب، ذي الطول، لا إله إلا هو إليه المصير
ثم سلّم الرسالة إلى رسوله وأمره أن يوصلها إليه بنفسه إذا كان صاحيا، ثم قال لأصحابه: ادعوا الله لأخيكم أن يقبل بقلبه وأن يتوب الله عليه
فلمّا بلغ الرجل كتاب عمر رضي الله عنه، جعل يقرؤه ويردده وتأثّر بالرسالة ومحتواها، كان يقرؤها ويرددها، ويقول: غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب، قد حذّرني عقوبته ووعدني أن يغفر لي فلم يبرح يردّدها حتى بكى، وتاب عن الخمر وحسنت توبته.
فلما بلغ سيدنا عمر رضي الله أن الرجل تأثّر بالرسالة، قال لأصحابه: هكذا فاصنعوا إذا رأيتم أحدكم قد زل زلة فسددوه وادعوا الله له أن يتوب عليه، ولا تكونوا أعوانا للشياطين عليه (من تفسير القرطبي ١5/٢٩١، وتفسير ابن كثير ٧/١٢٨)
هذه القصة تحكي ما كان في قلب سيدنا عمر رضي الله عنه من الاهتمام والعناية بأفراد الأمة المسلمة. فالاهتمام حدا به إلى كتابة رسالة إليه والدعاء له. وهكذا كان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم يهتم بكل واحد من أمته. فليهتم المسلم بأخيه كما يهتم بنفسه.
فعن سيدنا سلمان رضي الله عنه أنه قال: مثل الأخوين إذا التقيا مثل اليدين تغسل إحداهما الأخرى وما التقى مؤمنان قط إلا أفاد الله أحدهما من صاحبه خيرا (إتحاف السادة المتقين ٦/١٧٢)
ولا بد من امتثال أوامر الإسلام كلّها للفوز بالسعادة الأبدية. وامتثال أوامر الإسلام كلّها إنما يتأتّى بالأمور الآتية:
١. الإيمان بالله ورسوله صلى الله عليه وسلّم وجميع أركان الدين. ٢. امتثال جميع الأوامر واجتناب جميع المناهي ٣. الأمر بالمعروف والنصح للمسلمين ٤. التواصي بالصبر ومساعدة الآخرين في الالتزام بأوامر الإسلام في كل آن وحين، لا سيّما عند مواجهة الشدائد والمصائب.
وفّقنا الله تعالى لامتثال أوامر الدين وللتواصي بالخير والحق.