الرئيسية / روضة الحب / روضة الحب – ١٩

روضة الحب – ١٩

شهادة اليهود والنصارى في الصحابة رضي الله عنهم

بلغ الصحابة رضي الله عنهم من السعادة الدينية والدنيوية ذروتهما وكان سر سعادتهم طاعتهم لله عزّ وجلّ في كل آن وحين، وعدم ميلانهم إلى الدنيا وزخارفها. بالإضافة إلى أنهم أقاموا العدل بين الناس – المسلمين والكافرين – أينما حلّوا وارتحلوا حتى أن اليهود والنصارى قد شهدوا بعدلهم وصلاحهم وتقواهم. وقد قيل قديما: الحق ما شهدت به الأعداء.

فقد روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبعث عبد الله بن رواحة إلى أراضي اليهود لاستسلام الخراج (مقدار معيّن من المال كان يدفعه الكفار إلى المسلمين سنويا). وكان رضي الله عنه يخرص أي يقدّر ما على النخيل من الثمار خرصاً وتخميناً.

وذات مرة، دبّر اليهود أن يقدموا له رشوة ليكذب رسولَ الله صلى الله عليه وسلّم في قدر التمور على النخيل، فيؤخذ الخراج عنهم أقلّ ممّا يدفعونه.

فلما قدم، قدّموا له حليا من حلي نسائهم، وقالوا: هذا لك، وخفّف عنا، وتجاوز في القسمة، فقال: يا معشر اليهود، والله إنكم لمن أبغض خلق الله إلي (بسبب مكركم ضد رسول الله صلى الله عليه وسلّم)، وما ذاك بحاملي أن أحيف عليكم (أي أن أظلمكم بأخذ أكثر مما يلزم عليكم)، أما الذي عرضتم من الرشوة، فإنها سحت وإنا لا نأكلها، قالوا: بهذا (العدل) قامت السموات والأرض (من موطأ الإمام محمد، الرقم: ٨٣٢)

وكذلك شهدت الروم – الذين كانوا من أقوى الدول آنذاك – بأن سر سعادة الصحابة رضي الله عنهم وفلاحهم  هو طاعتهم لربهم وصلاحهم.

ففي معركة اليرموك، غلبت الصحابة رضي الله عنهم الروم على كثرتهم الكاثرة. فلما رجع جيش الروم المهزوم إلى ملكهم هرقل – وكان بأنطاكية حينئذ -، قال لهم: ويلكم أخبروني عن هؤلاء القوم الذين يقاتلونكم أليسوا بشرا مثلكم؟ قالوا: بلى. قال: فأنتم أكثر أم هم؟ قالوا: بل نحن أكثر منهم أضعافا في كل موطن. قال: فما بالكم تنهزمون؟ فقال شيخ من عظمائهم: من أجل أنهم يقومون الليل ويصومون النهار، ويوفون بالعهد، ويأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، ويتناصفون بينهم، ومن أجل أنا نشرب الخمر، ونزني، ونرتكب الحرام، وننقض العهد، ونغصب ونظلم ونأمر بالسخط وننهى عما يرضي الله ونفسد في الأرض. فقال: أنت صدقتني (من البداية والنهاية ٧/١٥)

يستفاد من هذه القصة أن الكفار لما شاهدوا عدل الصحابة رضي الله عنهم وصلاحهم، اضطروا إلى الإقرار بأن الإسلام هو دين العدل.

وفّقنا الله عزّ وجلّ للتأسي بالصحابة رضي الله عنهم ولاتباعهم في طاعتهم لربهم وصلاحهم.

شاهد أيضاً

مقارنة الإسلام بالأديان السابقة – روضة الحبّ – ٥٩

عندما نقارن الإسلام بالأديان السابقة، نجد أن الإسلام لم يحرّم المنكرات والسيئات فحسب، بل حرّم …