فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
مما يعلم ويشاهد في العالم أنه لا يمكن لأي دين أو ملّة أن يعلو ويبقى إلا إذا قامت طائفة بتبليغه ونشره. ولذا أمر كل نبي أتباعه بتبليغ دينه ونشر تعاليمه بين الناس.
لكن بمرور الزمان، حرّف متّبعوا الأنبياء السابقين عليهم السلام أديانهم وأحدثوا فيها ما ليس فيها. وأما دين الإسلام، فقد تولّى الله حفظه وتكفّل بصيانته. فهو لم يزل ولا يزال محفوظا سالما إلى يوم الدين، ولو حاول أعداؤه محوه وإطفاء نوره.
الطائفة التي تدافع عن الإسلام
عن معاوية بن قرة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تزال طائفة من أمتي منصورين لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة (سنن الترمذي، الرقم: ٢١٩٢)
والمراد من الطائفة المذكورة في هذا الحديث الشريف الصحابة رضي الله عنهم والصالحون من العلماء المهديين وغيرهم ممن لا يألون جهدا في المحافظة على الدين بقدر استطاعتهم في كل زمن.
فعن سيدنا أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين (شرح مشكل الآثار، الرقم: ٣٨٨٤)
الرتبة السامية لمن يقوم بالدفاع عن الدين
أخبر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم أمته بأنه يأتي عليهم زمن محفوف بالأخطار، يحارَب فيه الإسلام وأهله، فيبتلى أغلب الناس بالأهواء والفتن، كما روي عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم أنه ذكر شدة الفتن قائلا: يأتي على الناس زمان الصابر فيهم على دينه كالقابض على الجمر (سنن الترمذي، الرقم: ٢٢٦٠)
فمن يتمسك بالسنة النبوية في حياتهم الفردية والاجتماعية في ذلك الزمن، على رغم ما يواجهونه من الفتن الشديدة، فهم عباد الله المختارون الذين بشروا بالجنة:
فعن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بدأ الإسلام غريبا، وسيعود كما بدأ غريبا، فطوبى للغرباء (صحيح مسلم، الرقم: ١٤٥) وفي رواية أخرى: فطوبى للغرباء الذين يصلحون ما أفسد الناس من بعدي من سنتي (سنن الترمذي، الرقم: ٢٦٣٠)
وعن سيدنا معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: … وأنتم تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتجاهدون في سبيل الله، فإذا ظهر فيكم حب الدنيا فلا تأمرون بالمعروف ولا تنهون عن المنكر ولا تجاهدون في سبيل الله، القائلون يومئذ بالكتاب والسنة كالسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار (مجمع الزوائد، الرقم: ١٢١٥٩)
يظهر من هذا الحديث الشريف فضل القائمين بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وما يحظون به من المرتبة العالية والمنزلة الرفيعة، لكونهم عاملين عمل الأنبياء عليهم السلام وسببا لصيانة الدين القويم.